‏                         البدايات
The beginnings                          
      تحليل أدبي لشخصيات الأولين (5)                           تاج الخليقة

عصام الجوهري
أنهي ألوهيم _الرب الإله _عمله الخَلْقي بكلمة ليكن فكان ..
وبدأ فصل جديد من الخلق 

لقد اخذ الرب الإله من ‏تراب ما يعرف اليوم بجنوب اليهودية حيث بيت لحم وصنع ألوهيم من تراب الأرض هناك كائناً جديداً ليس كباقي المخلوقات ،لقد أبدع في صنعه وميزه بالجمال والقوام المختلف والخلقة الرائعة ،كما يليق بملكٍ..
ثم نفخ الرب الإله في هذا المخلوق الترابي نسمة حياة في أنفه ،فسرت في جسده الحياة ‏وراح يتدفق في الجسد الترابي روح من الله .

ففتح مخلوق التراب عينيه وجلس ونظر حوله إلى الأرض الموحشة  وبدا يري لأول مرة ويشاهد المكان من حوله 

وحين تساءل : من أنا؟
 أتاه صوت الوهيم لأول مرة:

 أنت آدم.. لأنك من تراب الأرض الأحمر أُخذت 

وراح آدم هذا  المخلوق الجديد المندهش
المتعطش للتعرف علي ما حوله قبل ان يسأل اتاه صوت الرب الإله بالإجابة :

انا من خلقتك لأنني احببتك..
أنت لذتي يا آدم.. انت محبوبي ، 
قد ميزتك عن الكل ، سيداً وسلطانا وملكاً قد جعلتك علي كل الارض .

ثم امر الرب الإله فغرست في ارض دائرة الاردن حول الجليل جنة كبيرة بالقرب من موطن آدم الاول 
وَغَرَسَ الرَّبُّ الإِلهُ جَنَّةً فِي عَدْنٍ شَرْقًا،

فأخذ الرب الإله آدم ووضعه في تلك الجنة 
حيث صنع له كل ما يمكّنه من الحياة بسعادة في ذلك البيت الرائع ،لقد غرس الرب له فيها من كل شجر الأرض ما هو شهي وجيد للأكل 
‏وعمل الرب الإله نهرا كبيرا  في الجنة يتفرع فرع إلى أربعة فروع كبرى 
وحين دخل آدم إلى الجنة للمرة الأولى ورأي روعتها وجمالها راح يتمشى فيها ويمد يده ويأخذ من ثمار أشجارها و يتذوق ويطلق صيحات الإعجاب .
‏ويرى تلك الحيوانات الضخمة الحجم والصغيرة أيضا تلعب وتمرح على ضفاف أنهار الجنة الأربع وتجري نحوه وتتمسح به وكأنها تقدم له فروض الطاعة والولاء ويشعر نحوها بإحساس الراعي المحب المشفق .
ويمر آدم في الجنة من ركنٍ لركنِ ، حتي يصل إلي وسطها ويقف آدم أمام شجرة ضخمة مميزة المنظر والثمار 
وهنا يظهر أمامه ألوهيم الرب الإله ويناديه قائلا:
 آدم..مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ

فانصرف آدم من أمامها ‏طائعاً امر الرب غير مهتم  بتلك الشجرة ..
ووجد أمامه شجرة أخرى تزداد في روعتها عن تلك الشجرة الأولى وحين مد يده ليأكل ‏من ثمارها لم يجد اعتراضاً ولا أحد يوقفه فأخذ منها وأكل وكأن طعم ثمارها حلو  كطعم الحياة لمخلوق جديد.. إنها شجرة الحياة 

وراح آدم يبحث في الجنة عن مكان ينام فيه وحين أشار إلى أحد الأسود جاءه فأمره آدم أن ينام صانعاً من جسده وسادة لآدم سيد الجنة ‏وسلطانها .
وراي الرب الإله أنه:
              لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ،
‏فأمر الرب الإله جميع الحيوانات التي في الأرض وجميع طيور السماء أن تمر أمام آدم بترتيب وهو جالس على صخرة مرتفعة 
تقف أمامه لحظة وهي تقدم له التحية 
وهو يدعوها بإسماء يختارها
‏فمرت جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية وكان آدم هذا المخلوق الإلهي العجيب من المعرفة والعلم حتى أنه استطاع أن يُسمي كل الكائنات بأسماء ولا ينس هذه الأسماء ‏
بل وكان لكل منها من اسمه نصيب وكانت تلك الكائنات تنظر إلي آدم على انه صورة الله تخشاه و تعامله بالمهابة والخشوع 
وحين انتهى آدم من مهمته جلس متكأً بظهره إلى إحدى أشجار الجنة وراح يفكر:
_ لما لكل هذه الكائنات نظير يسير معه ، كل ذكر  من الحيوانات له أنثاه ‏،وكل طير له زوجه ،ولكل وحش من وحوش البرية نظيره،
لماذا أنا لست كذلك ؟؟
لِمَ أنا وحدي دون نظير؟

 وهنا وصل الرب الإله لهدفه لقد أعد آدم وهيأهُ لاستقبال شريك جديد في الحياة 
نعم يا آدم إن الحياة تحتاج إلي ثانٍ  ،إلي شريك تحبه كنفسك ،يكون جزءا منك ويكون معينا لك ونظيراً ‏
فغفا آدم بجوار الشجرة وراحت الحيوانات تبتعد وتخفض صوتها لانه سيدها نائم ..
وجاء الرب الإله وأخذ من آدم أقرب عظامه إلى قلبه نزعها من جسده وملأ مكانها لحماً ضلعاً من اضلاع صدره حتى يشعر آدم
 بأنها اخذت منه ‏وبأنها الأقرب ..
وكوَّن الرب الإله من هذه الضلع كائناً شبيها لادم تماماً مع اختلافات قليلة  ..
ثم ايقظ الرب الإله آدم من نومه وقدم له هديته التي فتحت عينيها قبله فلم ترى أمامها سواه ..رجلها .
وظلت تنظر نحوه وهو نائم 
وحين استقيظ ورأها امامه ذُهل 
وظل زمناً ليس بقليل ينظر نحوها ‏ويتفحصها ويدرك الحقيقة الرائعة أنها ليست كباقي المخلوقات أنها مِنّي..
هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ

‏كانت حواء كما آدم كما باقي مخلوقات الله عارية أجسادهم ولا يخجلان  كأنهما طفلين حديثي الوجود ، لا يعرفون شهوة في قلبيهما ولا اختلافاً في جسديهما. 

فما الذي حدث ليتغير الامر ؟
وتحدث المأساة ؟
وتفسد صورة الله الجميلة في آدم ؟؟

عصام الجوهري
8/6/2020.

Post a Comment

أحدث أقدم